في إفادة أمام لجنة برلمانية،
كشف وزير المالية التركي محمد شيمشك عن خطط الحكومة لإقرار قوانين مخصصة للأصول الرقمية
بهدف إزالة تركيا من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF).
وأشارت مجموعة العمل المعنية بالإجراءات المالية (FATF) إلى عدم وجود نظام قانوني محدد للأصول الرقمية في تركيا، ما جعلها تصنف كمنطقة متبقية غير ملتزمة في البلاد.
ونقل عن وزير المالية قوله: “المشكلة الوحيدة المتبقية فيما يتعلق بالامتثال الفني هي التعامل مع أصول العملات المشفرة”.
وأعلن أنه سيتم تقديم مشروع قانون حول الأصول المشفرة إلى البرلمان في أقرب وقت ممكن.
وعقب ذلك، لن يكون هناك سبب لاحتفاظ تركيا بمكانتها في تلك القائمة الرمادية، إلا في حال وجود اعتبارات سياسية أخرى.
تعد مجموعة العمل المالي (FATF) منظمة حكومية دولية تركز على مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على مستوى العالم.
تعمل المنظمة على وضع معايير دولية تهدف إلى تعزيز الجهود المبذولة لمكافحة هذه الأنشطة المالية غير القانونية.
تعتبر “القائمة الرمادية” واحدة من الأدوات المستخدمة لتحقيق هذا الهدف،
حيث تدرج السلطات القضائية التي تعاني من ضعف أو نقص في الضوابط المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
تخضع الدول المدرجة في القائمة الرمادية لمراقبة مشددة من قبل FATF،
ويتعين عليها تحديد ومعالجة نقاط الضعف في إطار زمني محدد.
قد تكون للاندراج في القائمة الرمادية عواقب ملموسة على الدول.
وفقاً لدراسة أجرتها شركة المحاماة البارزة White & Case،
فإن البلدان المدرجة في القائمة الرمادية تشهد في المتوسط انخفاضاً بنسبة 2٪ في حصة الاستثمار الأجنبي المباشر من الناتج المحلي الإجمالي.
هذه الإجراءات تهدف إلى حث الدول على تعزيز جهودها في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز الثقة في نظامها المالي وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
تمت إضافة تركيا إلى القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي في عام 2021 بسبب وجود “أوجه قصور خطيرة” في جهودها لمكافحة تمويل الإرهاب.
هذا القرار يمكن أن يؤثر سلباً على الاقتصاد التركي،
حيث يمكن أن يؤدي إلى تخفيض يصل إلى 10% في المدفوعات الواردة إلى البلاد.
في يوليو من هذا العام،
أشار تقرير مجموعة العمل المالي إلى تقدم تركيا في معالجة المخاوف المحددة، معترفة بأنها أظهرت التزام قوي تجاه معظم مجالات اهتمام المجموعة، باستثناء مجال الأصول الرقمية.
تشير المجموعة إلى أن النظام القانوني الخاص بالأصول الرقمية في تركيا لا يزال ضعيفاً،
حيث لا توجد متطلبات ترخيص للبورصات ومقدمي خدمات الأصول الرقمية الآخرين.
كما لا توجد متطلبات لتلك الشركات لاتخاذ إجراءات لتحديد وتخفيف مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب في أعمالهم.
تزايدت الاهتمامات بدور الأصول الرقمية في غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الأشهر الأخيرة، مما يعزز الحاجة إلى تحسين الإطار القانوني والتنظيمي في هذا الصدد.
تركيا بحاجة لاتخاذ إجراءات إضافية لتعزيز مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فيما يتعلق بالأصول الرقمية لتحقيق التزام كامل والخروج من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي.
تجربة تركيا تذكرنا بأن تنظيم الأصول الرقمية ليس مجرد وسيلة للتحقق من صحة شركات الأصول الرقمية أو لتهدئة الشكوك حولها، بل إنه يشكل جزء أساسي من الجهود الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
يتوقع من البلدان التي تسعى لتعزيز قطاع الأصول الرقمية أن تتخذ خطوات لمعالجة هذه المخاطر، وإلا فإن ذلك قد يتسبب في عواقب اقتصادية حقيقية.
يعزز هذا التوقع الضرورة العالمية لتنظيم الأصول الرقمية وتطبيق إجراءات مناسبة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في هذا القطاع.
بالنظر إلى تجربة تركيا، يصبح واضحاً أن الإجراءات القوية والتنظيم الفعال للأصول الرقمية ضرورية لضمان سلامة النظام المالي والاقتصاد العالمي بشكل عام.
إن عدم اتخاذ إجراءات كافية في هذا الصدد يمكن أن يتسبب في تأثيرات اقتصادية سلبية جديدة،
ولذلك يجب أن تكون هناك حرص واسع على ضمان التزام البلدان بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مجال الأصول الرقمية.