يتابع بنك كندا العملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC) في سعيه لإنشاء نظام دفع قابل للاستخدام عالمياً،
وهي مهمة محفوفة بالعديد من التحديات.
نشر بنك كندا ورقة مناقشة تستكشف القضايا المعقدة المحيطة بالشمول المالي والصعوبات الهائلة التي ينطوي عليها تصميم عملة رقمية للبنك المركزي شاملة.
وتحدد الورقة ثلاثة أبعاد أساسية للشمول الضروري لطريقة دفع يمكن الوصول إليها عالميا:
الشمول المالي، والشمول الرقمي، وإمكانية الوصول العملي.
ويؤكد مؤلفو الدراسة على العوائق الكبيرة التي لا تزال قائمة، ويسلطون الضوء على أن “عدد الأفراد الذين يواجهون العوائق أو الإقصاء أكبر بكثير مما كان مفترضا في السابق”.
الفجوة الرقمية: سد الفجوة في محو الأمية الرقمية والوصول إليها
وقد تُترك شريحة كبيرة من السكان في ظلال الاستبعاد المالي
لأن المؤسسات المالية الخاصة قد لا يكون لديها ما يكفي من الحوافز لتلبية احتياجات المحرومين، وهو الوضع الذي ينبع من حقيقة واضحة.
يشير تحليلنا إلى أن عدد الأفراد الذين يواجهون العوائق أو الإقصاء أكبر بكثير مما كان مفترض سابق
ويكمن أحد الجوانب الرئيسية لهذا التحدي في التفاوت الجغرافي.
على سبيل المثال،
يواجه أعضاء الأمم الأولى في كندا فجوة كبيرة في المسافة من المؤسسات المالية مقارنة بالكنديين الآخرين، بمتوسط 25 كيلومتر مقابل 1.9 كيلومتر.
ومن ثم، فإن شمولها المالي سيعتمد بشكل كبير على الشمول الرقمي.
ومع ذلك، فإن الوصول الرقمي لا يعني الكفاءة الرقمية. على سبيل المثال،
قد يتمتع شباب الأمم الأولى بإمكانية الوصول إلى التكنولوجيا الرقمية ولكنهم قد يتخلفون في مهارات التكنولوجيا الرقمية مقارنة بأقرانهم من غير السكان الأصليين.
علاوة على ذلك، فإن المخاوف التي لا أساس لها بشأن الأمن الرقمي تمنع بعض الكنديين من تبني التكنولوجيا الرقمية، مما يسلط الضوء على أهمية معالجة محو الأمية الرقمية والمخاوف الأمنية.
ويلعب العمر دور محوري، حيث تُظهر الشرائح الأكبر سناً من السكان حماساً أقل للتكنولوجيا المالية الرقمية.
مع تقدم عمر السكان، من المتوقع أن تصبح المشكلات المتعلقة بالحمل المعرفي وسهولة الاستخدام أكثر وضوح.
لا يمتلك جزء كبير من السكان مهارات إنترنت متقدمة، وفقاً لدراسة استقصائية، مما يستلزم استكشافًا أعمق للتصميم من أجل إمكانية الوصول المعرفي.
علاوة على ذلك، يواجه الأفراد ذوو الإعاقة في كندا تحديات إضافية، بما في ذلك محدودية الوصول إلى الإنترنت.
وهذا يخلق ضرورة لضمان تصميم العملة الرقمية للبنك المركزي لتكون في متناول الجميع حقًا، بغض النظر عن قيودهم المادية أو الرقمية.
ومن المثير للاهتمام أن مؤلفي ورقة المناقشة يؤكدون على أن التحديات تكمن في تقديم الخدمات وليس في طبيعة العملات الرقمية للبنوك المركزية نفسها.
وللتغلب على هذه التحديات المتعددة الأوجه، يجب على البنوك المركزية معالجة القضايا التي تتجاوز نطاق اختصاصها التقليدي،
مما يؤكد الطموح المطلوب لجعل العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية شاملة حقا.
في خطوة استباقية نحو إشراك الجمهور، أطلق بنك كندا مبادرة #HaveYourSay في مايو 2023.
وتسعى المبادرة للحصول على تعليقات من الكنديين حول احتمال إنشاء عملة رقمية للبنك المركزي بالدولار الكندي وميزاتها.
وتشجع فترة التشاور، المفتوحة حتى 19 يونيو، الجمهور على المساهمة بآرائهم ورؤيتهم.
تلخص هذه الرحلة الطموحة التي قام بها بنك كندا تعقيدات تحديث الأنظمة المالية مع ضمان الشمولية،
مع الاعتراف بأن الطريق إلى العملات الرقمية للبنك المركزي
يجب أن يكون ممهد بحلول تلبي الاحتياجات المتنوعة للسكان. إنها رحلة لا تغير المشهد المالي فحسب، بل تحمل القدرة على إعادة تشكيل الديناميكيات المجتمعية.